اكتسب ضعف نقاط المستوى
للحجوزات قبل 31 ديسمبر 2025
اكتشف التراث العربي المجهول في إيطاليا

اكتشف التراث العربي المجهول في إيطاليا

إيطاليا مشهورة بطعامها الشهي، وتاريخها العريق وفنها الرائع. كما تحتضن عددًا من مواقع التراث العالمي أكثر من أي دولة أخرى في العالم، وهي موطن لمعالم أثرية لا تقدر بثمن وسط مناظر طبيعية خلابة وسواحل ساحرة وجبال فاتنة. وبالرغم من كونها حصنًا للمسيحية ومقر الكنيسة الكاثوليكية، قد لا تبدو التأثيرات الإسلامية في إيطاليا واضحة للعيان، لكن من يعرف أين ينظر سيجد كهفًا مليئًا بالكنوز الإسلامية. إن الموقع الجيوسياسي لإيطاليا بالنسبة للعالم الإسلامي يجعل من المستحيل تخيل إيطاليا دون روابط مع الإسلام.


روما

محاولات العرب لغزو روما

تشتهر روما بأنها مركز مزدهر للإمبراطورية الرومانية وعاصمة إيطالية ذات إرث مذهل. ومع ذلك، فقد عانت روما خلال العصور الوسطى من فترات عدم استقرار مؤلمة، حيث كانت القرون التي تلت سقوطها مليئة بهجمات قوى منافسة جديدة. فقد هاجم القوط الغربيون والوندال والهون روما، مما أنهى ما كان يُعتبر مركز العالم.

مع سقوط الإمبراطورية الرومانية في غياهب النسيان، برزت إمبراطوريات الشرق إلى الواجهة. فقد تمكن الخلفاء الراشدون من فتح بلاد الشام ومصر، وهما من أثمن ممتلكات الإمبراطورية الرومانية، وذلك في القرنين السابع والثامن الميلاديين. وفي عام 846م، رأت سلالة الأغالبة في شمال إفريقيا، التي كانت تحكم تونس والجزائر حاليًا تحت مظلة الخلافة العباسية، فرصة للتوغل إلى قلب إيطاليا. وكان الأغالبة قد بدأوا بالفعل فتح صقلية عام 827م بمساعدة أسطول أرسله مسلمو الأندلس. وقد سُجل هجومان على روما عامي 846 و849م؛ حيث نزلت القوات المسلمة في مدينة أوستيا الساحلية، فأطاحت بالقوات الرومانية، ثم تقدمت عبر طريق "فيا أوستينسي" (Via Ostiense)، وهو طريق روماني قديم موازٍ لنهر التيبر يؤدي إلى روما. وهناك تمكنوا من نهب كنوز ثمينة من كنيسة القديس بطرس القديمة، التي تقوم مكانها اليوم بازيليكا القديس بطرس في الفاتيكان. وفي عام 849م، وقعت معركة بحرية مشهورة قرب أوستيا، أنهت طموحات الأغالبة في السيطرة على روما، بعدما دُمّرت السفن الإسلامية وأُسر عدد كبير من الجنود.

مسجد روما

يُعد مسجد روما مسجدًا معاصرًا يتسع لما يصل إلى 12,000 مصلٍ في آن واحد. كان المسجد ثمرة مشروع مشترك بين العائلات الملكية في أفغانستان والسعودية وتم الانتهاء منه فقط عام 1994. يُعتبر المسجد نموذجًا للتعايش الديني إذ باركه البابا ويعكس كذلك عناصر من العمارة الرومانية التي استمرت عبر فن العمارة الإسلامي لقرون. ويشجع المجمع الملحق بالمسجد على الجهود التعليمية من خلال مكتبة وقاعات دراسية. وتتيح القاعة الكبرى ومركز المؤتمرات إقامة معارض وتبادل ثقافي بين المؤمنين والزوار.

مسجد روما
مسجد روما

للمزيد من المعلومات والإلهام، اطلع على مدونتنا المخصصة: روما - المدينة الخالدة.


البحر الأدرياتيكي

لوتشيرا

مدينة لوتشيرا (Lucera) في مقاطعة فودجا على الساحل الأدرياتيكي لإيطاليا تُعد مكانًا رائعًا للمهتمين بالتراث الإسلامي في إيطاليا. فخلال 75 عامًا في القرن الحادي عشر، كانت لوتشيرا موطنًا لما يُقدَّر بين 20,000 إلى 60,000 مسلم صقلي. وفي تلك الفترة، ازدهرت الجالية المسلمة بهوية ثقافية متنوعة تضم العرب الشاميين، والأمازيغ من شمال إفريقيا، والفرس. وتمتع المسلمون بحقوق مستقلة ومارسوا شريعتهم الإسلامية رغم استقرارهم في إيطاليا. كما تمكنوا من نشر التعليم الإسلامي عبر المدارس (المدارس الشرعية). ومن المعالم البارزة أن كاتدرائية لوتشيرا، المعروفة أيضًا باسم سانتا ماريا ديلا فيتّوريا، كانت في الأصل موقع المسجد المركزي والمركز الإسلامي لمدينة لوتشيرا.

كاتدرائية لوتشيرا
كاتدرائية لوتشيرا

في عام 1300م، شنّ شارل الثاني ملك نابولي هجومًا استهدف إخضاع وتشتيت الجالية المسلمة في مدينة لوتشيرا. وقد وقع كثير من المسلمين في أسر العبودية، أو تعرّضوا للنفي القسري. بينما حالف الحظ قلة منهم ففرّوا ووجدوا ملجأً في ألبانيا الحالية. وهكذا انتهى وجود الجالية المسلمة البارزة في إيطاليا في العصور الوسطى.


باري

موقع باري على أطراف إيطاليا جعلها ذات أهمية كبيرة في العصور الوسطى. فقد كانت مركزًا تجاريًا مهمًا، خاصةً للتجارة مع الشرق، كما وُجد فيها سوق للعبيد كان بمثابة نقطة عبور للعبيد السلافيين من أوروبا الشرقية إلى الدول الإسلامية حول البحر الأبيض المتوسط. وكان تجارة العبيد أمرًا شائعًا في عموم منطقة البحر المتوسط والأدرياتيكي. هذه التجارة، إلى جانب المعرفة الدقيقة بالمنطقة، سهّلت على السلالة الإفريقية الشمالية في القرن التاسع السيطرة على باري. فقد أسس الأغالبة، الذين كانوا مزيجًا من الأفارقة جنوب الصحراء والأمازيغ، إمارة باري عام 847م، لتدوم 24 عامًا قصيرًا كدولة إسلامية عُرفت باسم إمارة باري. وقد استمرت الإمارة فترة كافية لتنال اعتراف الخلافة العباسية، وتؤسس علاقات مع جيرانها المسيحيين كما ورد في سجلات رهبانية، بل وتمنح العفو للحجاج المتجهين إلى القدس. ومع ذلك، لم يبقَ الكثير من آثار إمارة باري اليوم نتيجة الجهود المبذولة لطمس الحضور الإسلامي في إيطاليا، لكن أماكن مثل غرافيـنا دي بوليا و كاتدرائية باري ما تزال جديرة بالاهتمام، إذ تعود إلى فترة إمارة باري ونجت من تقلبات الزمن.

غرافيـنا دي بوليا
غرافيـنا دي بوليا

من الجدير بالذكر أن تارانتو في منطقة بوليا و أمانتيا في منطقة كالابريا كانتا أيضًا أراضي إسلامية مؤقتة في إيطاليا خلال القرن التاسع، غير أن الأدلة الأثرية والمكتوبة أصبحت نادرة على نحو متزايد بسبب المناخ السياسي المحيط بالإسلام في أوروبا


البندقية

كانت البندقية واحدة من أزهى المدن وأكثرها ازدهارًا خلال عصر النهضة الإيطالية. فموقعها الجغرافي وصلاتها بالقسطنطينية ومصر والأراضي المقدسة جعل منها مركزًا تجاريًا مهمًا. واعتماد البندقية الكبير على التجارة والملاحة البحرية جعل المال والثروة يتقدمان على أي خلافات دينية أو ثقافية. وقد ازدهر اقتصادها بفضل خبرتها في التجارة البحرية وتداول مختلف الموارد القادمة من الشرق. وكان الفلفل الأسود، المعروف بـ"الذهب الأسود" في العصور الوسطى، أحد أسباب ثراء البندقية؛ إذ كان يُجلب من الهند إلى مصر، ثم يُباع عبر أوروبا انطلاقًا من أسواق الإسكندرية في البندقية.

وتشتهر البندقية أيضًا بصناعة الزجاج، لا سيما في جزيرة مورانو، غير أن تاريخ هذه الصناعة فيها بدأ عندما نقل التجار فنونها من سوريا و مصر. أما الرماد المستخدم لإضفاء الجودة الفريدة على الزجاج الفينيسي فقد كان مصدره الأصلي من مصر.

تشتهر البندقية بصناعة الزجاج
تشتهر البندقية بصناعة الزجاج

تُعَد كنيسة القديس مرقس من أكثر الكاتدرائيات زيارةً في البندقية، وهي مكرَّسة لتخليد ذكرى القديس مرقس الإنجيلي. وبين روائع الزخارف المذهبة والفسيفساء المبهرة، يمكن للزوار مشاهدة لوحة فسيفسائية تُجسّد حادثة سرقة رفات القديس مرقس من الإسكندرية في مصر. وتقول الرواية إن تاجرين من البندقية سرقا رفاته، ثم وضعاه في برميل مملوء بلحم الخنزير وأوراق الكرنب لتجنّب تفتيش دقيق من قِبل الحراس المسلمين.

كنيسة القديس مرقس
كنيسة القديس مرقس

جنوب إيطاليا

نابولي

تُعَد نابولي مدينة مرصوفة بالأحجار، كأنها كبسولة زمنية، وهي موطن جبل فيزوف، وبومبي، وبيتزا النابوليتان الشهيرة. وكانت أيضًا مقر إقامة جم سلطان، المطالب بعرش الدولة العثمانية في القرن الخامس عشر. وبرغم كونه مسلمًا، فقد حظي بدعم البابا وفرّ مع عائلته إلى مملكة نابولي، حيث منح البابا في عام 1492 أحفاده الذكور لقب "أمير سيد" (Principe de Sayd). وقد عاشت عائلته في نابولي حتى القرن السابع عشر.

نابولي
نابولي

كان جم سلطان أداة سياسية في صراع ديني كبير بين السلطان العثماني بايزيد الثاني والبابا إنوسنت الثامن. وفي مقابل احتجاز جم، تعهّد السلطان بايزيد بعدم شنّ هجمات على رودس أو روما أو البندقية ضمن خططه للتوسع في البحر المتوسط. وقد كان هذا الاتفاق ذا منفعة متبادلة؛ إذ ضمنت الدولة العثمانية عدم ظهور منافس يحظى بدعم القوى الأوروبية، وفي الوقت نفسه ضمنت إيطاليا أمنها من الهجمات الساحلية.


صقلية

بدأت إمارة صقلية عام 831م واستمرت حتى عام 1061م. وحتى عام 902م كانت الجزيرة بأكملها تحت الحكم الإسلامي بشكل راسخ. وقد ازدهر القطاع الزراعي في صقلية مع التركيز على التصدير، كما ازدهرت الصناعات الحرفية في المدن. وعاش السكان المسيحيون كـ ذمّيين (أهل ذمة تحت الحماية) بين المسلمين، في صقلية مختلفة تمامًا عن تلك التي نعرفها اليوم. وكانت السياسة في ذلك العصر تدفع الفصائل المسيحية أحيانًا إلى السعي للتحالف مع مسلمي صقلية. أما سكان الجزيرة فكانوا مزيجًا من الموريسكيين و الأندلسيين و العرب و الصقليين.


باليرمو، المدينة العربية في إيطاليا

أصبحت باليرمو عاصمة إمارة صقلية وبلغت من الازدهار ما كاد يضاهي قرطبة و القاهرة. وتزخر باليرمو بتراث إسلامي عريق؛ فمبانٍ مثل قصر النورمانديين (Palazzo dei Normanni)، المقر الرسمي للجمعية الإقليمية الصقلية، كانت في الأصل موقع قصر الأمير. كما أن كاتدرائية باليرمو كانت مسجدًا لفترة قصيرة، وهو ما يدل عليه العمود الأول في البازيليكا الأصلية. وبقبابها، وأبراجها العربية، وأقواسها العمياء، وأشكالها المكعبة، تُعَد كنيسة سان كاتالدو واحدة من أروع الأمثلة على العمارة العربية-النورمانية.

القصر الملكي في باليرمو
القصر الملكي في باليرمو

أما قصر زيزا في باليرمو فيعد من المواقع المُدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وقد بُني في القرن الثاني عشر على يد حرفيين موريسكيين لصالح الملك ويليام الأول. شُيّد القصر على الطراز الموريسكي ليكون مقرًا صيفيًا لملوك النورمان، وجزءًا من منتجع الصيد الكبير المعروف باسم جينواردو. واسم "زيزا" مشتق من الكلمة العربية العزيز، أي "الغالي" أو "الرائع". أما اسم "جينواردو" فيعود أصله إلى التعبير العربي جنة الأرض. وعلى الرغم من الإضافات الإيطالية العديدة التي شهدها القصر عبر القرون، ما تزال غرفه تحتفظ بالفن والزخارف الإسلامية حتى يومنا هذا، مما يبرز كيف يمكن للإسلام والتأثيرات الإيطالية أن يتعايشا معًا ليشكّلا تراثًا غنيًا وفريدًا.

قصر زيزا
قصر زيزا

تُعَد كابيلا بالاتينا، وهي كنيسة قصر النورمان في باليرمو، جزءًا من سلسلة العمارة العربية-النورمانية، وتجمع بين تأثيرات بيزنطية ونورمانية وفاطمية. فمن أبرز ملامحها تجميع النجوم الثمانية الرؤوس – وهي نمط شائع في الزخرفة الإسلامية – على السقف بطريقة تُكوّن صليبًا مسيحيًا؛ أما المقرنصات (السقوف المزخرفة والمقببة في العمارة الإسلامية) فكانت ابتكارًا فاطميًا أصله من بلاد فارس؛ بينما تعكس القباب نصف الدائرية الفن البيزنطي الأوسط. هذا الفضاء المقدس يُجسد بوتقة تنصهر فيها ثقافات متعددة من حوض البحر المتوسط وآسيا. أما لا كوبّا (La Cubba) فهي قصر آخر على الطراز العربي-النورماني، يتميز بشكله شبه المكعّب، مع عناصر معمارية وزخارف مستوحاة من الطراز الفاطمي في نقوشه وتناظره. والمثير للاهتمام أن هذا المبنى شُيّد في الفترة التي أُجبر فيها المسلمون على مغادرة صقلية، مما يعكس التداخل بين السلطة السياسية والتقدير الفني والثقافي. كما أن معالم مثل كاتدرائية باليرمو و كنيسة مارتورانا و جسر الأدميرال تمزج بين التأثيرات الإسلامية والشرقية، وهو ما يمنح باليرمو سحرها الفريد والمتميز.

جسر الأدميرال
جسر الأدميرال

الآثار غير الملموسة للإسلام في إيطاليا

عصر النهضة الإيطالية – ثمرة من ثمار النهضة الإسلامية؟

نظرًا لأن النهضة الإسلامية سبقت النهضة الإيطالية بعدة قرون، فمن المستحيل النظر إلى قوة وتأثير النهضة الإيطالية بمعزل عن الدور الذي لعبه الإسلام في خلفية المشهد. لذا، وأنت تتجول في معارض الرسامين الإيطاليين أو تمر بجوار نافورة تريفي، تذكّر أنه حتى وإن كان ما تراه أوروبيًا خالصًا، فإن الإرث الإسلامي ليس بعيدًا أبدًا.

لقد كانت النهضة الإيطالية حركة غيرت وجه أوروبا إلى الأبد. فهذا العصر الذهبي للفن والفلسفة والأدب والعلوم والتكنولوجيا دفع الدول الأوروبية للخروج من عصور الظلام إلى فترة من البعث والتجدد. وقد أطلقت النهضة الإيطالية تأثيرًا متسلسلًا قاد إلى بزوغ الحداثة في أوروبا، بكل ما جلبته من رفاهية وثروة ما زلنا نعيش مظاهرها حتى اليوم.

ومن أبرز القوى الدافعة وراء النهضة الإيطالية، التي شملت جميع مجالات هذا الحراك الثقافي، كانت الفكرة الفلسفية المتمثلة في الإنسانية. فقد كانت الإنسانية بمثابة المحرك الذي أعاد الاهتمام بالدراسات الهيلينية وبالفكر اليوناني والروماني، والذي ساهم في إخراج أوروبا من تراجعها. ويمكن تعريف الإنسانية النهضوية ببساطة بأنها حق الفرد في الاحترام والكرامة، والاختيار والحرية في إدارة حياته. وفي تعريف أكثر عمقًا، شملت مفهوم الفصاحة في الكتابة، و البلاغة في السلوك، و المهارة اليدوية لبلوغ مراتب العبقرية.

ورغم أن عدة عوامل أسهمت في بزوغ حركة النهضة الإيطالية – ومنها ثراء البندقية المتأتي من التجارة مع الشرق – فإن أحد العوامل التي نادرًا ما يُلتفت إليها هو الأهمية البارزة للفكر الإسلامي. إذ لعب الانتشار الثقافي والفكري للإسلام في الشرق الأوسط وبلاد فارس وحتى الهند دورًا محوريًا في إحياء إيطاليا ودفعها نحو مجدها.

أوجه التشابه بين النهضة الإسلامية والنهضة الإيطالية

هناك العديد من أوجه التشابه بين النهضة الإسلامية و النهضة الإيطالية:

  • ركزت كلتاهما بالدرجة الأولى على استمرار الإرث الثقافي للعصرين اليوناني والروماني.

  • تخلّتا طوعًا عن الخرافات والأفكار التقليدية، مفضّلتين التعمق في دراسة المعرفة والعلوم واستكشاف الفنون، وذلك بفضل نظام الرعاية ودعم الحكومات لتطوير المجتمع وتعزيز حب الإنسانية.

  • بدأتا في توسيع مفهوم الأخوة والوحدة بغض النظر عن الأصول الثقافية، وهو مفهوم تجده متجذرًا في القرآن الكريم مع التركيز على الأمة (المجتمع الإسلامي).

  • أولتا اهتمامًا كبيرًا بعرض الأفكار والفنون والسلوكيات، وشهدتا اهتمامًا متزايدًا بالجماليات والذوق الرفيع. وقد انعكس ذلك ليس فقط في الفنون والعمارة ونشر الأفكار، بل أيضًا في تهذيب الأخلاق وإبراز قيمة الإنسان المتسم بالخصال النبيلة.

انتقال النصوص عبر العالم الإسلامي

في القرن الثاني عشر، خضعت صقلية للحكم الإسلامي وأصبحت مركزًا للترجمة مع وجود عدد كبير من السكان الناطقين باليونانية، والذين كانوا في كثير من الأحيان يتحدثون أيضًا اللاتينية والعربية. وبحلول القرن الثالث عشر، انتقلت مهام الترجمة إلى صقلية مع تزايد الاضطرابات السياسية في الأندلس.

وخلال العصر العباسي، لم يقتصر علماء بيت الحكمة في بغداد على ترجمة النصوص اليونانية والفارسية والسريانية على نطاق واسع، بل قاموا أيضًا بتوسيعها واستخدامها كنقطة انطلاق لمناقشات أوسع في الأفكار الفلسفية. وقد كانت العلوم العربية التي شملت جميع التخصصات، وليس فقط البحث العلمي بالمعنى الحديث، في قلب النمو خلال العصر الذهبي للعباسيين.

فلاسفة مثل الكِندي والمنصور استخدموا المؤلفات اليونانية إلى جانب القرآن الكريم لتفسير وتبرير الأفكار الفلسفية. إن هذا الحفاظ على النصوص وتحليلها قد وفّر أيضًا مدخلًا عظيمًا لعصر النهضة الإيطالية في الغرب اللاتيني.


كن على اطلاع دائم على أحدث مقالاتنا
سجّل الآن لتصلك مقالاتنا الجديدة مباشرة إلى بريدك الإلكتروني