
اكتشف الكنوز الثقافية في أوروبا
سواء كنت تزور أوروبا بغرض الاستجمام فقط أو كنت تحاول استكشاف معالمها أثناء رحلة عمل، فإن زيارة مدن أوروبا العريقة دائمًا ما تكون متعة لا تُضاهى. لكن قد لا يدرك كثير من المسلمين أن هناك كنوزًا إسلامية في قلب معظم المدن الكبرى في أوروبا.
لندن وكنوزها الإسلامية
تُعتبر لندن من أكثر المدن تعددًا للثقافات في العالم وتفخر بتنوعها الكبير. يرأسها عمدة مسلم هو صادق خان، ووفقًا لأحدث بيانات التعداد فإن حوالي 15% من سكانها مسلمون، لذا فمن السهل العثور على جميع أنواع المأكولات الحلال هنا. كانت لندن مركزًا للإمبراطورية البريطانية التي شملت بحلول عشرينيات القرن الماضي أكثر من نصف سكان المسلمين في العالم. لذا ليس من المستغرب أن العديد من كنوز العالم الإسلامية انتهى بها المطاف في لندن.

يضم كل من المتحف البريطاني ومتحف فيكتوريا وألبرت قاعات مخصصة لتاريخ العالم الإسلامي، وهي: قاعة مؤسسة البخاري، وقاعة جميل للفن الإسلامي على التوالي. ويعرض كلاهما مجموعات رائعة من الفنون والقطع الأثرية التي تعود جذورها إلى القرن السابع. كما أطلق متحف فيكتوريا وألبرت، المعروف محليًا باسم V&A، جائزة جميل للفن والتصميم المعاصر المستوحى من التقاليد الإسلامية. يُنصح بزيارة موقعهم الإلكتروني للاطّلاع على أحدث الأخبار حول المعارض ذات الصلة.

إذا قررت زيارة مقر الديمقراطية البريطانية، مجلس البرلمان، فقد تمر بجانب مدفع تركي يعود للقرن السادس عشر، تم الاستيلاء عليه في مصر عام 1801 بواسطة الجيش البريطاني. سوف تتعرف أيضًا على لورد ستانلي (عبد الرحمن)، أول عضو مسلم يتم تعيينه في مجلس اللوردات عام 1869.
إذا كنت ستزور مسجدًا واحدًا فقط في لندن، عليك بأن يكون مسجد ريجنت بارك، أو مسجد لندن المركزي، وهو اسمه الرسمي. أصبح واحدًا من أشهر معالم لندن بقُبّته الذهبية المميزة.

افتُتح المركز الثقافي الإسلامي، الذي يُشكّل جزءًا من المجمع، لأول مرة عام 1944. وقد تبرع الملك جورج السادس بالأرض لبنائه كهدية للجالية المسلمة في بريطانيا، وذلك في إطار اتفاق تبادلي مع الملك فاروق ملك مصر، الذي منح أرضًا في القاهرة لبناء كاتدرائية أنجليكانية.
اقرأوا المزيد عن لندن في مقالنا المخصص على المدونة : لندن عاصمة العالم.
الفن الإسلامي في باريس
تُعرف باريس بأنها مدينة الفن والثقافة، ولا يرمز لهذا الوصف أكثر من أشهر صالاتها الفنية، متحف اللوفر. وقد شرع الرئيس الفرنسي الأسبق ميتران في خطة معمارية طموحة لتوسيع المتحف، مُهدياً العالم الهرم الزجاجي الضخم، الذي ما زال حتى بعد مرور أكثر من عقدين لم يحظَ بقبول العديد من منتقديه.

لحسن الحظ، فقد حظي أحدث إضافة إلى متحف اللوفر، والتي افتُتحت عام 2012، بترحيب أكبر بكثير. فهي مقر قسم الفنون الإسلامية في اللوفر – كور فيسكونتي، الذي تمت تغطيته بسقف زجاجي متموّج مذهل، لا يلامس جوانب الفناء التاريخي، مما يحافظ على سلامة المبنى الأصلي. وبحسب زاوية النظر قد يذكّرك هذا السقف بالكثبان الرملية، أو الأمواج، أو حتى بقطعة قماش منسابة – زر المكان واحكم بنفسك!

وما هو مبهر بالقدر نفسه هو مجموعة الفنون الإسلامية المعروضة هنا، حيث يمكنكم مشاهدة أكثر من 3000 قطعة تمثل ثلاث قارات وأكثر من 1300 عام من التاريخ.
كما تحتضن باريس عددًا من المراكز الثقافية التي تستضيف معارض وفعاليات متنوعة. من أبرزها معهد العالم العربي (Institut du Monde Arabe) والمركز الثقافي الجزائري (Centre Culturel Algérien)، حيث يمكنكم الاطّلاع على الأنشطة والفعاليات خلال زيارتكم.
اقرأ المزيد عن باريس في مقالتنا على المدونة: باريس: مدينة مليئة بالقصص التي لم تُروَ بعد.
التراث الإسلامي في مدن إسبانيا – غرناطة، وقرطبة، وبرشلونة، ومدريد
كانت منطقة الأندلس في قلب الخلافة الأموية، التي حكمت هذه الأرض لأكثر من 700 عام. وتحتضن اثنتان من أجمل مدنها معالم بارزة من هذه الحقبة من الحكم الإسلامي. وبالنسبة لأي زائر مسلم إلى غرناطة، فإن قصر الحمراء الشهير عالميًا سيكون بلا شك من أبرز المحطات. فهذا الحصن المهيب اختاره الملك محمد الأول في القرن الثالث عشر ليكون قصره، ويقع شامخًا على تلة مرتفعة تُشرف على المدينة.

وبالقرب من هناك يقع الجامع الكبير في غرناطة (Mezquite Mayor de Granada) بحدائقه الجميلة، ومنطقة ألبايثين، وهي الحي العربي القديم في المدينة. ومن أبرز المعالم الأخرى في إسبانيا التي تجسد روعة العمارة الإسلامية، الجامع الكبير في قرطبة (Mezquita-Catedral de Córdoba)، حيث يمكنكم الاستمتاع بمشاهدة قاعة الصلاة بأعمدتها المزخرفة بدقة وقبتها البديعة المتلألئة بالفسيفساء الذهبية.

أما الزائرون لبرشلونة فلن يجدوا للأسف الكثير من الآثار الإسلامية، إذ لم تخضع للحكم الإسلامي سوى لفترة قصيرة نسبيًا لم تتجاوز 85 عامًا. أما إذا كنتم في مدريد، فخصصوا وقتًا لزيارة أكبر مسجد في أوروبا، مسجد M30 والمركز الثقافي الإسلامي (Centro Cultural Islamico)، الذي يضم مجموعة مدهشة من المصاحف من مختلف أنحاء العالم.
اقرأ المزيد عن إسبانيا في مقالتنا المخصصة على المدونة: إسبانيا: وجهة تعيد اكتشاف تراثها الأموي
سراييفو - جوهرة إسلامية في قلب أوروبا
قد لا تبدو سراييفو خيارًا بديهيًا عند التفكير في المدن الأوروبية الكبرى، لكن هذا أحد أسباب كون زيارتها منعشة جدًا، فضلاً عن قيمتها الكبيرة بالمقابل المدفوع. والواقع أنها في قلب التاريخ الأوروبي، إذ شهدت حادثة اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند التي أشعلت الحرب العالمية الأولى.
كانت سراييفو ضمن الإمبراطورية العثمانية لمئات السنين ولا تزال آثار ذلك واضحة في عمارة المدينة ومأكولاتها ولغتها مما يجعلها مألوفة جدًا لمن يعرف تركيا. البلدة القديمة في سراييفو،

كانت سراييفو جزءًا من الدولة العثمانية لمئات السنين، ولا تزال آثار هذا التأثير واضحة في عمارة البلاد وطعامها ولغتها مما يجعلها مألوفة جدًا لأولئك الذين يعرفون تركيا. ويكاد يكون طابع البلدة القديمة في سراييفو، باشچارشيا، عثمانيًا بالكامل، بساحاتها الفسيحة ونافوراتها الضخمة وسوقها المتشابك الأزقة. ولا تفوّتوا زيارة جامع ومدرسة الغازي خسرو بك ا لتي تعود إلى القرن السادس عشر، وكذلك بيت سفرتسو المدهش بما يضمه من طراز عثماني محفوظ بعناية في أجزائه الداخلية.

نال الرئيس الأول لجمهورية البوسنة والهرسك اليوغوسلافية، علي عزت بيغوفيتش، احترامًا واسعًا، ولا سيما بين أبناء المجتمع المسلم الذين أطلقوا عليه لقب "الملك الحكيم للبوسنة والهرسك". يمكنكم زيارة قبره في مقبرة ونصب كوفاتشي التذكاري في سراييفو، حيث دُفن، بناءً على وصيته، إلى جانب جنود الجيش البوسني الذين قُتلوا أثناء حصار سراييفو بين عامي 1992 و1996 في ظروف قاسية للغاية.
وخُذوا رحلة ليوم واحد إلى موستار حيث يمكنكم الاستمتاع بالمشاهد الخلابة على طول طريق القطار وزيارة جسرها الشهير "ستاري موست"، المبني وفق التصميم الأصلي للمعماري العثماني الكبير معمار سنان، بالإضافة إلى البلدة القديمة الساحرة بما تضمه من مبانٍ عثمانية.

قد ترغبون أيضًا في القيام برحلة ليوم واحد لزيارة النصب التذكاري المؤثر للغاية لضحايا مجزرة سربرنيتسا، حيث قُتل 8,372 مدنيًا على يد الجيش الصربي عام 1995.
اطّلعوا على المزيد عن هذه الوجهة في مقالتنا المخصصة على المدونة: ترحيب دافئ بالزائرين إلى سراييفو.
روما: صدى الإسلام في المدينة الخالدة
تشتهر روما المدينة الخالدة بمعالمها القديمة، لكن الكثيرين يُفاجأون بوجود آثار إسلامية فيها أيضًا. فقد استقر التجار العرب في المدينة منذ القرن التاسع وتركوا بصمتهم في التجارة والعلم. وتضم مكتبة الفاتيكان مخطوطات ثمينة من العصر الذهبي الإسلامي، حُفظت وتُرجمت إلى اللاتينية وأسهمت في تطور الفكر الأوروبي. ويمكن للزوار مشاهدة المدافع العثمانية التي استولى عليها الأوروبيون في معركة ليبانتو داخل متاحف الكابيتول. وتحتضن روما اليوم المسجد الكبير، وهو الأكبر في أوروبا، بتصميمه الأنيق وقاعته الهادئة للصلاة، تحيط به بساتين الزيتون التي تذكّر بالكثير من مناظر البحر الأبيض المتوسط.

اقرأ المزيد عن روما في مقالتنا المخصّصة على المدونة: روما: المدينة الخالدة
برلين عاصمة عصرية بلمسات إسلامية
تتميز برلين بمزيجها الثقافي النابض بالحياة الذي يعكس الروابط التاريخية العميقة بين ألمانيا والعالم الإسلامي. ويضم متحف بيرغامون الواقع في جزيرة المتاحف المسجّلة ضمن قائمة اليونسكو واجهة قصر المشتى الشهيرة وهي تحفة فنية من روائع الفن الإسلامي المبكر من الأردن إلى جانب كنوز أخرى من العالم الإسلامي.

تحتضن برلين أيضًا واحدة من أكثر الجاليات المسلمة نشاطًا في أوروبا، مع أكثر من 80 مسجدًا موزعة في أنحاء المدينة. ويُعد مسجد الشهداء أو Sehitlik المستوحى من العمارة العثمانية الكلاسيكية من أبرز المعالم، كما يستضيف مركزه الثقافي العديد من المعارض والفعاليات المجتمعية.

أثناء تجولك في أحياء برلين المتنوعة ستكتشف الأسواق التركية والمطاعم الحلال التي تعكس روح المدينة متعددة الثقافات.
اقرأ المزيد عن برلين في مقالتنا المخصّصة على المدونة: برلين عاصمة الثقافة الأوروبية.
أمستردام ميناء التبادل الثقافي
لطالما كانت أمستردام بوابة بين أوروبا والعالم، وترتبط المدينة بالعالم الإسلامي منذ قرون. فقد كان التجار الهولنديون نشطين في الموانئ العثمانية، ويمكن رؤية إرثهم اليوم في مجموعات أمستردام المتحفية. يقدم متحف تروبن نظرة ممتعة على الثقافة والفنون الإسلامية من آسيا وإفريقيا، بينما يعرض متحف ريكز ريكزميوم قطعًا رائعة من الخزف والخط الإسلامي.
وتحتضن أمستردام اليوم جالية مسلمة مزدهرة. ومن أبرز معالمها مسجد ويسترموسكي آيا صوفيا وهو أكبر مسجد في هولندا، تقف قبته ومئذنته المستوحاة من الطراز العثماني بفخر على ضفاف القنوات.

البرتغال لشبونة وبورتو وأفيرو وساحل الغارف
ترتبط البرتغال بإرث إسلامي عميق يعود إلى قرون من الحكم الأندلسي، وتظهر ملامحه بوضوح في مناطقها الجنوبية. تعكس لشبونة هذا الماضي في حي ألفاما بشوارعه المتعرجة التي تشبه أزقة المدن العربية القديمة، كما يضم المتحف الوطني للفنون القديمة قطعًا إسلامية جاءت من تاريخ البلاد البحري.
وفي بورتو يمكنك ملاحظة التأثير الإسلامي في جداريات أزوليجو وهي البلاطات المزججة الدقيقة التي أدخلها المسلمون وما زالت تزيّن الكثير من الكنائس والقصور.

تستحضر القنوات الساحرة في أفيرو أنظمة الري العربية التي أسهمت في تشكيل الزراعة في البرتغال. وفي الجنوب كان ساحل الغارف تحت الحكم الإسلامي لأكثر من 500 عام ولا تزال قلاعه وأسماؤه وبساتين الحمضيات فيه تحمل صدى الأندلس. وتجد اليوم مساجد ومجتمعات مسلمة تحافظ على هذه الروابط حيّة.
اقرأ المزيد عن البرتغال في مقالتنا المخصّصة على المدونة: البرتغال بلد مليء بالروائع.
أيًا كانت المدينة الأوروبية التي تختار زيارتها ستتمكن عند البحث في موقع halalbooking.com باستخدام عوامل التصفية للميزات المناسبة للمسلمين من العثور على الإقامة التي تناسب احتياجاتك مهما كان ميزانيتك.



